الدم .. وكلمة الحق
بقلم / محمد مروان الدسوقي
الدم محرم !! الدم مباح !! من يسبق من ؟؟ ومن يغلب على من ؟؟
إنها تلك السياسة القذرة التي يتبعها الأقوياء لتحقيق مآربهم ، وقد بدأت قصة الدم ببداية الخلق حينما استباح قابيل دم أخاه هابيل ، مروراً بالصراعات بين التجمعات والقبائل والشعوب ، وصولاً للتتار والمغول والصليبيين والصهاينة والأمريكان وأخيراً المسلمين ..
ففي فلسطين بدأت قصة الدم بصراعات حركة فتح والجبهة الشعبية في منتصف القرن انتقالاً لصراعات حركتي فتح وحماس وصولاً إلى الصراع الأخير بين حركة حماس وجند أنصار الله .
وكنا في كل مرة نقف موقف المتعجب من تصرفات المتصارعين !! من الاقتتال الفتحاوي الحمساوي ولن أقول الفلسطيني الفلسطيني والاقتتال الحمساوي السلفي ولن أقول الإسلامي الإسلامي ..
وكل طرف يحمل مبرراته ودوافعه لانتهاك حق الآخر .. ولكن أي حق ؟ وهل يصل إلى حد انتهاك حق الأفراد في الحياة ؟؟
وتابعنا مسرحية الاعتقالات والتعذيب وانتهاكات حركتي فتح وحماس للحقوق في شتى المجالات في الضفة وغزة .
ووصلنا إلى جند أنصار الله .. خطبة حماسية أعادت إلى الأذهان عهد الخلافة الإسلامية ، ولكنها ... بدأت أيضاً بالدم والبندقية !!
رؤى سياسية متباعدة .. فكل طرف يدعي أنه صاحب الرؤية الحق ، والجميع ( المنتهية والمقالة ، والإمارة ) يكيل الاتهامات للطرف الآخر بأنه صاحب أفق سياسي ضيق أو أصابه جنون السلطة أو لوثة عقلية .
علماني .. متأسلم .. تكفيري ...
أياً كانت كلمات التطاول لديكم فهي هينة لأنها لا تهز ميزانين ، ولكن هل فكرتم بقاتل .. سافك دماء حيث ترتعش منها الأبدان وتهتز لها الأرض والسماء .
الدم .. الدم ..
أيا عشاق الدم .. هل نسيتم " أن تهدم الكعبة حجر حجر " أو نسيتم " إذا التقى المسلمين بسيفيهما " أم نسيتم " ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطئاً " ، أم أن السيادة والريادة أصبحت للكرسي الذي لا يأتي إلا بالدم الدم .
عباس .. مشعل ..
كلاكما رؤساء .. ولكن لمن ؟ وعلى من ؟
الضفة تعج بالمدرعات والحواجز والمستوطنات ، والسجون الفلسطينية كمثيلاتها الإسرائيلية مليئة بأبناء جلدتنا !!
قطاع غزة خنقه الحصار وازداد فيه الدمار وأيضاً السجون الفلسطينية كمثيلاتها الإسرائيلية مليئة أيضاً بأبناء جلدتنا !!
فياض .. هنية ..
كلاكما رؤساء وزراء .. ولكن لأجل من ؟
في الضفة وغزة آلاف من العاطلين عن العمل ما بين عامل وخريج ومقطوع رزقه ، ولا يعمل هنا أو هناك إلا " ابن التنظيم " !! المرضى بالآلاف هنا وهناك ولا يتم تسهيل تنسيق سفر إلا " ابن التنظيم " !! حتى في سجون الاحتلال أصبحت المساعدات والمنح توزع فقط على " ابن التنظيم " !!
إسرائيل ..
عجزت طوال العقود الماضية على تحقيق ما وصلنا إليه اليوم .. قتل ودم مستباح .. اعتقالات وكراهية .. حصار وتشريد .. عزل وتقطيع .. حقد وكراهية .. تفكك النسيج المجتمعي .. تخوين وتكفير .. ولم تنعم طول اغتصابها لأرضنا بأمن وأمان كالتي تعيش فيه الآن !!
المقاومة ..
في الضفة وغزة يتم ملاحقة المقاومين واعتقالهم وتعذيبهم بتهمة التخريب أو الخروج عن الإجماع الوطني !!
في الضفة وغزة تعتلي المفاوضات والتهدئة رأس الهرم وكأن الحكومتين اتفقتا فقط على أمن إسرائيل واختلفتا على باقي التفاصيل !!
الفصائل الفلسطينية الأخرى ...
أذهلتنا مواقفكم الوطنية المشرفة حينما لعبتم دور الصليب الأحمر في إعادة المخطوفين لدى الطرفين ، وأذهلنا وقوفكم كالمتفرجين على كل ما يحدث خوفاً من كلمة حق أو تحصيلاً لبعض الثمار ، ولا نراكم تصرخون وتقاتلون إلا حينما ترفضون الحوار الثنائي بين فتح وحماس ونظام المحاصصة !!
الدم .. الدم ..
يؤسفني القول أن الدم الفلسطيني أصبح رخيصاً جداً .. حتى الحرب الأخيرة على غزة والتي سالت فيها آلاف الدماء الطاهرة لم تجمعكم على " بردعة الحمار " ، معذرة أقصد طاولة الحوار .
فلسطين ..
ما أنجبتكم إلا لتحملوها .. وسؤال حق أخاطبكم به .. هل أصبحتم سوى حملاً عليها ؟؟
الدم .. طريق اللاعودة وآخره الندم